تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

توجّه الناخبون أمس إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في مشهد حضاري، يؤكّد حرص كافة أطياف المُجتمع، على تعزيز المُشاركة الشعبيّة في صنع القرار، باعتبار أنَّ أول انتخابات لمجلس الشورى في الدولة تأتي تجسيدًا لرؤية القيادة الرشيدة، النابعة من الحرص على المصلحة الوطنيّة، فقد عوّدنا حضرةُ صاحب السمو أمير البلاد المُفدّى دائمًا على إثلاج صدورنا بقراراته الرشيدة التي تُساهم في الارتقاء بالوطن والمواطن، وتجعلنا في أفضل حال يحسدنا عليه الجميع.

لم يكن يوم الانتخابات مجرد يوم عادي للتصويت أو الاقتراع، وإنّما كان يومًا لتأكيد الولاء والانتماء للوطن، باختيار الشخص المُناسب في المكان المناسب، ولا شك أن أبناء هذا الوطن على أتم الاستعداد لرد الدَيْن، كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: «وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق»، لذلك ينبغي أن يكون انتماؤنا له عمليًا، في قلوبنا وأرواحنا ومشاعرنا، نخلص له ونبرّ به وندرأ عنه الشرور، ونتفاعل مع مُستلزماته ونهوضه وتطوّره تفاعلًا إيجابيًا، فالانتماء للأوطان يكون بالبذل والجهد والتضحيات، والعمل على المُشاركة الإيجابية في مسيرة النهضة، وتكريس الجهود للعمل المُثمر الهادف الذي يساهم في رفعة وبناء الوطن.

نعم، انتهت أول انتخابات للشورى، لكن لم تنتهِ مشاعر الوطنيّة، فحب الوطن في كل يوم وكل لحظة، ولكن ترتقي تلك المشاعر دائمًا وتسمو لتبلغ مدى بعيدًا جدًا في مُناسباتنا الوطنيّة، فتصبح في أبهى صورة وحلة، لنهيم عشقًا بوطننا الغالي وهو يحقق الإنجازات تلو الإنجازات، فلا يمكن لعقل أن يصف بدقة متناهية، ما الوطن وما الذي يعنيه لأبنائه، لتصل في نهاية المطاف إلى نتيجة واحدة، وهي أننا كمواطنين تعلونا مشاعر الفخر والاعتزاز، لأننا قطريون ننتمي لهذه الأرض الطيّبة قلبًا وقالبًا، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المُفدّى.

ونأمل من مجلسنا الجديد أن يكون على قدر المسؤولية، وأن يردّ لنا التحيّة بأحسن منها عبر الوفاء بالوعود الانتخابيّة التي قدّمها المُرشحون، فالمجلس المُنتخب يتولى سلطة التشريع، ويقرّ الموازنة العامة للدولة، كما أنه يمارس الدور الرقابي على السلطة التنفيذية من خلال مراقبة الحكومة، وذلك على الوجه المُبيّن في دستور دولة قطر مثل اقتراح القوانين، وإبداء الرغبات للحكومة في المسائل العامّة، لمُواكبة التقدّم المُستمرّ في جميع المجالات والقطاعات.

وبما أن عضو مجلس الشورى المُنتخب، سيكون ممثلًا لكافة أبناء الشعب ومُعبرًا عن آمالهم وتطلعاتهم، التي سيتم ترجمتها عبر التشريعات والقوانين، خلال مدة المجلس المُحددة ب (4) سنوات، عليه أن يكون قريبًا من الناس، بالشكل الذي يمكنه من الاستماع إليهم، لذلك لا بدّ أن يكون هناك مقر دائم لكل دائرة انتخابيّة، يعقد من خلاله عضو المجلس المُنتخب لقاءات مُشتركة واجتماعات متفرّقة مع أبناء دائرته، لاستقبالهم والاستماع لمطالبهم ومشاكلهم بكل سهولة ويُسر، حتى نقضي على السلوكيات المُتعارف عليها عالميًا، بأن بعض المُرشحين لا يظهرون إلا وقت الانتخابات فقط، أو يصعب الوصول إليهم أو التواصل معهم.

وفي اعتقادي أن وجود مقرّ دائم لخدمة أهالي الدائرة وللتواصل معهم، سوف يساهم في جعل عضو مجلس الشورى أكثر فاعلية ونشاطًا، من أجل تلبية مطالب الناخبين، والقيام بالدور المنوط بهم، تجاه جميع المواطنين على حدّ سواء، باعتبار أن عضو المجلس المُنتخَب مسؤول عن تلبية حاجات أهل دائرته، سواء الأشخاص الذين انتخبوه أو الذين لم ينتخبوه، فهو يقوم بخدمتهم وتمثيلهم جميعًا، لتكون التجربة التشريعيّة مُثمرةً وبنّاءةً، بحيث يكون المجلس المُنتخَب مؤثرًا بشكل فاعل في تطوير القوانين والتشريعات التي تُعزّز مسيرة النهضة.

والله ولي التوفيق،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر