تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

يُعدُّ الإسرافُ والتبذيرُ في موائد الطعام من الظواهر السلبيَّة في مُجتمعنا، والتي ما زالت تتفاقم بشكل مُستمر، لذلك يجب أن تكون الثقافة التوعويَّة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السمنة الذي يصادف 4 مارس من كل عام، مسؤولية مُشتركة لجميع أفراد المجتمع، فلا بد أن يتكاتفَ الجميع للحدِّ من آفة الإسراف المسبب الرئيسي للسمنة، وبالتالي اللجوء إلى التكميم وقص المعدة والبالون وغيرها من الحلول التي اتخذت مسارات مُتعدِّدة، وتنوَّعت في أشكالها.

وبالنظر إلى دينِنا الحنيف، سنجد أن الله – سبحانه وتعالى – حرَّم الإسراف والتبذير في قوله تعالى: «وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» صدق الله العظيم، فالطعام والشراب من نعم الله علينا، لذلك على المُسلم أن يحافظَ عليهما، كما يجب أن نضع نصب أعيننا ونحن نعدُّ الأطعمة أن الزيادة في إعداد الطعام على الموائد من أجل إطعام الطعام، وليس لرميه في سلة القمامة، ففي حالة زاد الطعام على حاجة الأسرة، يجب أن يتم إعادة ترتيبه بشكل جيِّد، وتقديمه للفقراء أو توزيعه عند المساجد للمحتاجين، أو أقل ما يمكن فعله، تقديمه طعامًا للحيوانات، المهم ألا يتم إلقاؤه في سلة المهملات، فهذا الطعام نعمة ورزق من الله -سبحانه وتعالى- يجب أن يحافظ عليها المسلم، بعيدًا عن الإسراف والتبذير.

ولا شك أن الإسراف والتبذير في الموائد، يعكسان سلبيات كثيرة، سواء من الناحية الدينيَّة، التي فيها مخالفة لشرع الله، أو الناحية الصحيَّة، حيث يصاب عدد من الأشخاص في المجتمع باضطرابات معوية بسبب كثرة الأكل، كما أن حالات عديدة من التي تستقبلها المستشفيات تكون قد بلغت مستوى عاليًا على مقياس السمنة، ما أدَّى إلى الإصابة بأمراض من قبيل السكري وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى ما يتعلَّق بالشرايين والمفاصل.

ونلاحظ أن الطعامَ في مُجتمعاتنا الخليجيَّة يتألَّف عمومًا من عنصرَين غذائيَّين هما النشويات والبروتين، أي الخبز واللحوم، بينما تغيب الخضراوات والفاكهة وغيرها من المواد التي تحتوي على المعادن والفيتامينات وغيرها من العناصر المُغذية التي يحتاج إليها الجسم، ولكن نجد أن قلة الحركة والرفاهية الزائدة من الأسباب التي تؤدِّي إلى السمنة، فالمواطن القطري أو الوافد المقيم إذا أرادا شراء زجاجة ماء أو عصير فإنَّهما يطلبانها من داخل السيارة، بينما يتوجَّهان بالسيارة إلى العمل الذي يقتضي الجلوس وراء المكتب، وهما لا يصعدان السلالم بل يستخدمان المصعد، فلا يمارسان أيَّ نشاط بدني طوال اليوم، علمًا بأن ممارسة الرياضة ليست فقط لبدن سليم بل لصحة نفسيَّة سليمة ومتوازنة للشخص في ظل إيقاع الحياة السريع، الأمر الذي يتطلب مُتنفسًا لتفريغ الضغوط اليوميَّة فيما ينفع ولا يضر.

والخطيرُ في الأمر أن الكثيرين يقلِّدون آباءهم في طريقة الأكل وطبيعة الأطعمة، في حين أنَّ مقاصف المدارس تبيع للتلاميذ رقائق البطاطس والحلوى والمشروبات الغازية المُحلاة والمعجنات التي تسبب السمنة والاضطرابات المعوية وغيرها، وهذا يُعَدُّ من الأخطاء التي تهدِّد بمخاطر صحِّية كثيرة، لذلك نقترح إدخال مادة التغذية كمادة أساسية في المناهج الدراسية، كما يجب أن تكون الأولوية لموضوع التغذية المدرسية، التي تمدُّ الطفل بالطاقة اللازمة لتحصيل دروسه، كونها تلعب دورًا مهمًا في تزويده بالحيوية والنشاط والتركيز طوال ساعات اليوم الدراسي، فالتغذية السليمة والمتوازنة ضرورة لا غنى عنها لتحقيق النجاح المدرسي، نظرًا لدورها في تقوية التركيز، ومضاعفة القدرات العقليَّة، والتأثير إيجابًا على المهارات الذهنيَّة، مثل تذكُّر المعلومات واستيعاب الدروس.

والله ولي التوفيق،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر