لا شك أن التوسَّع في استخدام التقنيات الزراعية الحديثة، ساهم بشكلٍ كبيرٍ في فتح آفاق جديدة للقطاع الزراعي بالدولة، خصوصًا في مجالات تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث تفيد الأخبار بالصحف أن هناك «140» مزرعة ستُشارك في ساحات بيعِ المُنتَج المحلي، فمن المُتوقّع أن يبلغَ إجمالي مبيعاتِها هذا العام «14» ألف طُن بزيادة «20%» عن العام الماضي. وأتاحت ساحاتُ المُنتَج الزراعي المحلي للمُستهلك فرصة قطف الثمار من المزرعة مُباشرة دون وسيط أو عمولة، وشراء مُنتجات طازجة، ما ساهم في تحسين الأسلوب التسويقي وتقليل الفاقد من الخَضراوات وتحسين جودة الإنتاج، وإبراز مُنتجات أصحاب المزارع القطرية، حيث يتمتع القطاع الزراعي بأهمية خاصة في سياسات وتوجهات دولة قطر، نظرًا لبُعديه الاجتماعي والاقتصادي، وتمَ إيلاؤه المزيدَ من الاهتمام، حتى باتت مُساهمته في الناتج المحلي كبيرةً ومُقدَّرةً.
وتُشيرُ المُعطياتُ إلى أن المُزارعين أثبتوا خلال الفترة الماضية قدرتَهم على التحدي في توفير المُنتجات الزراعية المحلية بكَميات كافية وبالجودة التي يتطلع إليها المُستهلكون، لذلك يجب أن تعملَ الجهات المعنية على مُساعدتهم بوضع خُطة مُشجِّعة لتسويق مُنتجاتهم، كما يجب أن يتم رفع أسعار المُنتج الزراعي المحلي ومُساواتها بالمُنتجات المُستوردة حماية للمُنتج وتعزيز دور الزراعة وجعلها رقْمًا في خُطة توفير قضية الأمن الغذائي التي تحتل صدارة أولويات قطر على المُستوى التنموي.
كما أن هذه القضية تُعد ركنًا أساسيًا من أركان الأمن والاستقلال الاقتصادي للدولة وركيزةً مُهمةً لتأمين الاحتياجات بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية الهادفة إلى جعل دولة قطر بحلول عام 2030 دولةً مُتقدمةً قادرةً على تحقيق التنمية المُستدامة، وتأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلًا بعد جيل، فقد جاءت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بهدف توحيد جهود الجهات المعنية بهذا القطاع وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والمائية للدولة، وتحصين منظومة الأمن الغذائي ضد الصدمات في حالات الطوارئ، وتحديد أولويات مُبادرات ومشاريع الأمن الغذائي، وحماية وتعزيز الإنتاج المحلي، وتحسين جودة وسلامة الغذاء، وتوفير مخزون استراتيجي آمن وصحي.
ولكي تستمر هذه الطفرة الإنتاجية بمزارع الدولة ويتحقق الأمن الغذائي يجب على الجهات المعنية بوسائل الإنتاج الزراعي، التوسّع في استخدام التقنيات الحديثة في الري والزراعة، وزيادة الدعم المُخصص لأصحاب المزارع المُنتجة، وتحويل جميع البيوت المكشوفة إلى بيوت محمية مُغلقة مُنتجة طَوال العام، وإلزام أصحاب المزارع غير المُستغَلة بتحويلها إلى مزارع مُنتجة، وتوصيل البنية التحتية التي تشمل شبكتي المياه والكهرباء إلى كافة مزارع قطر.
وأُناشد المسؤولين من خلال هذه المقالة بضرورة العمل على إزالة كافة المعوقات والتحديات التي تواجه الإنتاج الزراعي، من أجل تعزيز النقلة النوعية التي شهدتها المزارع القطرية خلال السنوات القليلة الماضية، والتي كانت نتائجها طفرة إنتاجية بمزارع الدولة.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر