تسجيل الدخول

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التقييم 0.00 (تقييمات 0)

تضج مواقع التواصل الاجتماعي بين الفينة والأخرى بالتعليقات السلبية التي تطال عددًا من مؤسسات القطاعين العام والخاص، نتيجة سوء تعامل بعض الموظفين مع المُراجعين، حيث نرى في بعض الأحيان أن موظفًا ربما يقوم بتعليق إنجاز مُعاملة لمُراجع بهدف استيفاء أوراق ليست مطلوبة من الأساس وذلك لا لشيء سوى عدم إلمامه على نحو جيد باللوائح المُنظمة لهذه الخدمة داخل جهة عمله.

وفي اعتقادي، يجب وضع الحلول المُلائمة لهذه الظاهرة، التي من ضمنها تقليص الروتين، من خلال اعتماد أسلوب النافذة الواحدة، وعدم ترك المُراجع على احتكاك مباشر مع العديد من الدوائر والموظفين لإنجاز معاملة واحدة، الحل الآخر هو وضع الإجراءات الكفيلة بتخفيف الازدحام وتكتل المُراجعين، من خلال تعدد منافذ المراجعة لأن ازدحام المراجعين يعطي الفرصة للموظف لابتزازهم.

بالإضافة إلى نشر كاميرات مراقبة داخل جميع الأقسام، ووضع إجراءات عقابية رادعة ضد الموظف المسيء، وتفعيل نظام صندوق الشكاوى، وإلزام الموظفين في القطاعين العام والخاص بارتداء «باجات» تحمل أسماءهم لتمكين المُراجع من الشكوى ضدهم بالاسم، وفتح خط ساخن للاتصال بمسؤولي الدائرة مُباشرة من قبل المُراجعين، وتجول مدير الدائرة ميدانيًا في دائرته للاحتكاك بالمُراجعين وتشخيص مَوَاطن الخلل، والقيام بحملة إعلامية لإدانة السلوكيات غير المُنضبطة للموظفين، وتجهيز استعلامات الدوائر بآلات حديثة تؤمّن عدالة وصول المُراجع إلى الموظف المسؤول دون أن يتجاوز دوره أحد، إذ تزوده الآلة برقم مُراجعة وتؤشّر شاشة وصول الدور له دون أن تعمل الرشاوى والمحسوبيات دورًا في مُخالفة النظام، وعدم اضطرار المُراجع للوقوف في طابور مُرهق، ورفد الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة بالخريجين الجدد والشباب المؤهلين لخدمة المُراجعين على أكمل وجه.

ويرى كثيرون أن التعامل مع المراجعين من قِبل الموظفين لا بد أن يكون تعاملًا مبنيًا على أسس ومهارات تجعل ذلك التعامل راقيًا مُثمرًا، لأن في خدمة المُراجع منفعة كبيرة مُتبادلة بين كلا الطرفين، المؤسسة والفرد، وخدمة المراجعين أمر مهم تحتّمه طبيعة الحياة وحركتها وتبدلاتها واحتياجاتها، وبذلك يتحقق العديد من المصالح الإيجابية للفرد والمجتمع؛ وفي هذا السياق تقوم وزارة التنمية الإدارية والعمل بجهود ملموسة في تدريب موظفي الجهاز الإداري من خلال تنظيمها للدورات المُستمرة التي تغطي العديد من جوانب العمل الإداري، إلا أن هناك حاجة لأن تكون تلك الدورات إلزامية للموظفين وأن تقوم كل جهة بحصر عدد مُوظفيها وإعداد قوائم لتدريبهم.

ومن الجميل أن نتحلى بالذوق وحُسن الأخلاق في تعاملنا مع الغير، وأن نَزن كلماتنا قبل أن نتفوه بها، وأن ننتبه إلى تصرّفاتنا قبل أن تصدر منا، فنحن نستمد أخلاقنا وحُسن تعاملنا وحديثنا وتصرّفاتنا من ديننا الحنيف ومن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان مثالًا يُحتذى به في كلامه وتصرفاته مع الآخرين، والخادم لم يكن يُعامله «صلى الله عليه وسلم» إلا مُعاملة طيّبة، فيا ليتنا نتخذ سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم قدوة لنا، ومثلًا أعلى في كل أمور حياتنا، وقد حث النبي صلى اللّه عليه وسلم على حُسن الخُلق، والتمسك به في تعاملنا مع بعضنا بعضًا، وإذا تسلّط موظف وعقّد الأمور سهوًا أو عمدًا وقال للمُراجع: «تعال بكرة» بلا سبب شرعي ونظامي، فليعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه بالمَشقّة في حياته، بقوله: «اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ ، ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ بِهِ» رواه مسلم.

والله ولي التوفيق،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر