موسم العودة إلى المدارس، يتطلبُ المزيدَ من الإنفاق لشراء المُستلزمات المدرسية، التي تحتاج إلى ميزانيةٍ خاصةٍ من أولياء الأمور للوفاء باحتياجات أبنائهم، لبَدء عام دراسي جديد، وقد يتأخر بعض الطلاب في شراء اللوازم المدرسية فلا داعي لتذكيرهم أمام زملائهم أو توبيخهم، فعلى المُعلم أن يكونَ إنسانًا قبل أن يكونَ أستاذًا، لذلك يجب عليه الحذر في مثل هذه الأمور حتى لا يكسر قلب يتيم أو فقير ذنبه الوحيد أنه وجد نفسه في الحياة فقيرًا.
وفي اعتقادي لا بد من وجود مُجتمع مدرسي يُحقق للطالب الصحة النفسية التي تُساعده على استيعاب المناهج بسهولة وبدون أي ضغط من الأهل أو المدرسة، وبالتالي ينشأ طالب سوي نفسيًا يستطيع أن يكونَ في المُستقبل لبنةً خيّرةً من لبنات مُجتمعه، وعنصرًا فعالًا نشطًا، قادرًا على تحمّل المسؤوليات والأعباء، التي ستُلقى على كاهله، مُتفاعلًا مع الأحداث التي تمرّ به، مالكًا للمهارات الأساسية التي تُساعده في حلّ المُشكلات، مُستعدًا للتكيّف مع الظروف التي يعيشها.
ومن واجبنا مع انطلاق العام الدراسي الجديد تسليط الضوء على الجوانب الصحيّة للحفاظ على أعلى مُستوى من الصحة العقلية والسلوكية والنفسية للطالب من خلال تقديم إرشادات ونصائح توعوية حول أهمية المُحافظة على الصحة النفسية والسلوكية، بما يُساهم في تمكين الطلاب جسديًا ونفسيًا وعقليًا وسلوكيًا، وإعدادهم للانخراط في العملية التعليميّة مع التمتع بالصحة الشاملة، إلى جانب رفع مُستوى الوعي الصحي للطلبة وأولياء أمورهم والكادر المدرسي، حول العديد من المسائل المُتعلقة بالصحة الجسدية والنفسية والسلوكية للطلاب.
ومما لا شك فيه أن المدرسة هي المؤسسة الاجتماعية التي تلي الأسرة مُباشرة في أهميتها وتأثيرها في الصحة النفسية ودرجة توافق الطلبة نفسيًا واجتماعيًا، فهي ليست مجرد مكان يتم فيه تعلم المهارات الأكاديمية والعلمية، وإنما هي مُجتمع مُصغّر يتفاعل فيه الأعضاء ويؤثر بعضهم في البعض الآخر، وإذا كانت أسس الصحة النفسية للطلبة تبدأ في البيت خلال السنوات التكوينية الأولى لحياته، إلا أن المدرسة تظل رغم ذلك ذات أثر تكويني مُهم في حياة الطالب وشخصيته لا يكاد يقلُّ عن أثر البيت.
كما أن المفهوم الحديث للمدرسة لا يقتصر على مجرد كونها مكانًا يتزود الطالب فيه بالمعرفة وحسب، بل مجال تتفتح فيه شخصيته وترقى في مُحيطه إمكاناته وتنمو فاعليته في المُجتمع، لذلك يجب أن تُعطيَ المدارس الصحة النفسية أولوية، وأن تكون إداراتها جاهزةً بالإمكانات البشرية والمُعَدات والكوادر الطبية، التي تُمكّنها من أداء دورها بكفاءة عالية، لأن غياب هذه الإمكانات، يؤدّي لمُضاعفة المشاكل النفسية لدى الطلبة، فيزداد قلقهم أو توترهم أو صراعاتهم الداخلية بدلًا من أن تقل، فالأزمات النفسية تقود الطلاب إلى الهدر التربوي وإهمال التعليم وعدم الاستفادة منه بمراحله المُختلفة.
والله ولي التوفيق،،،