تتطلبُ المسؤوليةُ الوطنيةُ من الجميع المُساهمة في وضع خريطة الطريق التي تجعل أبناءَنا القطريين مؤهلين للقيام بأي وظيفة، سواء كانت في القطاعات المالية والمصرفية أم الطاقة أو غيرها من المجالات، وعلينا أن نتذكر دائمًا أن خطابات حضرة صاحب السُّموِّ أمير البلاد المُفدَّى، لم تخلُ من التركيز على أهمية الاستثمار في المواطن القطري بوصفه الثروة الحقيقيَّة للبلاد، من خلال تدريبه وتأهيله للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية.
وبناءً على ذلك يجب أن يتركزَ اهتمامُ الدولة خلال هذه الفترة حول تعزيز دور التنمية البشرية، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، لتحقيق التوازن المطلوب الذي تفرضه مرتكزات رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تتطلب بلا شك استقطاب وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية لمواكبة التحديات التي يشهدها السوقُ المحلي المتمثلة في تأمين وظائف للخريجين، والحرص على رفد سوق العمل بأصحاب الخبرات من الكوادر الوطنيَّة.
وبحسب آخر الإحصائيات فإنَّ هناك أكثر من «60» جهةً حكوميةً بمنصة «كوادر» تتيح الوظائف للمواطنين بمختلف التخصصات، في الوقت الذي يجري فيه ديوانُ الخدمة المدنية والتطوير الحكومي -بشكل دوري- مقابلاتٍ للتوظيف بالتعاون مع الجهات المشاركة في المنصة الوطنية للتوظيف، وذلك لتسهيل عملية توظيف الكوادر الوطنية، فضلًا عن تنظيم برامج تدريبية بهدف تهيئة الباحثين عن عمل، وتأهيلهم قبل المقابلة الوظيفية وتزويدهم بالمهارات اللازمة لإعداد السيرة الذاتية، واجتياز مقابلة التوظيف بنجاح.
ويشهدُ ملف التوظيف تحديثات وتطويرات عديدة لتعود بالإيجاب على الباحثين عن وظائف والخريجين الجدد من أجل المساهمة في نهضة البلاد، حيث يشهد سوق العمل القطري على مدار السنوات القليلة الماضية، طفرةً غيرَ مسبوقةٍ وتناميًا مطردًا في حجم الاستثمارات والأعمال، من خلال الاستثمار في مجالات صناعية واقتصادية جديدة، ويصاحب هذه التنمية، حاجة سوق العمل لكوادر وطنية تكون الأكثر حرصًا على تلبية احتياجات المجتمع.
ولا شكَّ أنَّ أي منصة وطنية رقمية أو إلكترونية للتوظيف تُعتبر تطورًا جيدًا يهدف إلى تسهيل الإجراءات وتخفيف الأعباء عن الشباب الباحثين عن عمل، وبالتالي إنشاء «كوادر» كمنصة واحدة للتوظيف تتضمن كل الاحتياجات الوظيفية للجهات المختلفة يوفر كثيرًا من الجهد والوقت للباحثين عن وظائف، وأيضًا للجهات التي تطلب الباحثين عن عمل، كما نرى في مواقع حكومية أخرى كالنافذة الواحدة وحكومي وغيرها.
ويأتي إطلاقُ المنصة الوطنية للتوظيف «كوادر» ضمن الجهود المتخذة لتعزيز دور تسجيل ومتابعة التعيين للباحثين عن عمل، في القطاعَين الحكومي والخاص، ومن المعروف أنه للتقدم لبعض الوظائف يجب استكمال التعليم الدراسي في المجالات التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل لضمان سرعة الحصول على فرص للوظائف المناسبة، أو الالتحاق ببرنامج الابتعاث الحكومي أو برامج التدريب المهنية والتي تتيح للطالب اختيار التخصصات المطلوبة في سوق العمل بما يضمن حصوله على الوظيفة المناسبة في الدولة.
وتعدُّ المنصة الوطنية للتوظيف حاليًا إحدى أهم الطرق التي يستطيع من خلالها الشباب القطري ليس فقط الحصول على عمل، بل تأهيل أنفسهم لمتطلبات سوق العمل أيضًا، ما يجعل عملية قبولهم في الوظائف أكثر سهولة، باعتبارها الوسيلة المرنة والسهلة التي تمكن الباحث عن عمل من التوصل إلى الفرص الوظيفية التي تتناسب مع مؤهلاته وخبراته بالقطاعَين الحكومي والخاص، وربط الترشيحات للوظائف مع الجهات مباشرة لتتولى إجراء المقابلات الشخصية مع الباحث عن عمل دون حاجة لتدخل ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي في عملية اختيار الوظيفة المناسبة والجهة المطلوب التعيين فيها.
والله ولي التوفيق
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر